تكنولوجيا

الخطاطون وألعاب الفيديو: عالمٌ كبير سألنا فيه عمالقة الفن عن شغفهم، وإليكم الردود!

خاص | آدم الكوافي

صناعة لعبة فيديو ليست بالأمر الهين على الإطلاق؛ هناك عشرات العشرات من العناصر التي تدخل في تلك العملية، ومع بعضها البعض تُظهر الناتج النهائي إلى النور في أبهى صوره.

مجهودٌ مضنٍ للعديد من أفراد فريق العمل؛ يجب أن يُبذل لشهور طويلة قبل تدشين العرض التشويقي الأول للعبة حتى.

وبين الكثير من المراحل التطويرية المعقدة (في البرمجة بالتحديد)؛ يأتي الجانب الفني من المعادلة، ويتمثّل هذا الجانب في كل ما هو مرسوم ومتحرك و”بصري” في لعبة الفيديو، وهنا يظهر الخطاطون بالطبع!

أحد عناصر لعبة الفيديو؛ هو الشعار الرسمي لها، ويختلف وقت عمله بناء على جدول فريق التطوير، لكنه جزء لا يمكن الاستهانة به أبدًا، فهو الواجهة النهائية للعبة في مختلف منصّات اللعب على كل حال، لكن هناك مشكلة، عندما يتم تعريب لعبة معينة وتقديمها للجمهور العربي، هل يجب أيضًا “تعريب” الشعار؟

الأمر هنا لا يقتصر على مجرد الترجمة، بل يجب جلب خبير في التصاميم العربية، ليقوم بنقل روح الشعار الأصلي، للعربية بأسلوبه الذي يجب أن يتوافق مع أسلوب المصمم الأصلي للشعار.

الأمر؛ ليس بالسهل أبدًا، ولذلك فإن الخطاطين هم أهم الجنود في ترسانة الألعاب المترجمة للعربية.

تمكن فريقنا من التواصل مع أبرز وأهم الخطاطين في صناعة ألعاب الفيديو هذه الأيام، ومعهم استطعنا تسليط الضوء أكثر على فنّهم الخاص.

خطاطون رسموا معالم تعريب الألعاب

إبراهيم حمدي

خطاطون العرب قلةٌ، وإبراهيم حمدي هو أحد أفضل هؤلاء القلة؛ المتعاون مع بلايستيشن الشرق الأوسط لرسم شعار Horizon Forbidden West – هورايزون الغرب المحظور.

تتميز أعمال إبراهيم بالبساطة في التكوين والقوة في التأثير، مع الحرص التام على نقل روح الشعار الأصلي في نسخته العربية، حتى لا يجد اللاعب فرقًا على الإطلاق، أو يشعر وكأن النسخة الأجنبية “أجنبية” فعلًا ولها نوع من التميّز البصري عن النسخة العربية.

حسب تذكر الخطاط؛ فإن أول شعار عمل عليه في حياته هو شعار لعبة Wolfenstein The New Order، وهي لعبة متخصصة في القتل والتصويب بطريقة دموية وحماسية للغاية. وجد في عالم التخطيط تجربة مثيرة للاهتمام، فهو يحب الخط العربي في الأساس، ويرى متعةً غير طبيعية في رسم الخط نفسه للنسخ العربية من شعارات الألعاب.

أما بالنسبة لرد فعل الناس في الماضي والحاضر؛ فالأمر مختلف بشدة بين كليهما. في السابق (حوالي 10 سنوات) كان الفرد الوحيد الذي يمكن له أن يتحمس إذا قلت له عن كونك مصمم شعارات (خطّاط)؛ عبارة عن أحب محبي اللغة العربية في الأساس. فإن لم لكن من محبيها، لن يتحمس، كحال الكثيرين وقتها، أمّا الآن؛ فقد فبدأت المهنة في أخذ وضعها أكثر وأكثر.

الخطاطون يعانون باستمرار، لأن كل ما يتعاملون معه (كل مشروع جديد) عبارة عن تحدٍ يجب اجتيازه بأي شكل. فيرى إبراهيم أن العملية كلها عبارة عن إعادة خلق لدماغ المصمم الأصلي وهو يعمل على الشعار الأجنبي، وما هي العناصر التي وضعها في الحسبان أثناء التصميم، وكيف لها أن تؤثر على المتفاعل معها؛ وفي النهاية يتم مزج كل هذا في قالب تصميمي واحد بقلمٍ عربيّ، مع الاحتفاظ بنفس روح وطلَّة الشعار الأصلي.

وفي ختام الحديث؛ أتى الخطاط على ذكر تعريبه لشعار لعبة Devil May Cry 5، وكيف كانت تلك التجربة صعبة للغاية. وهذا نظرًا لضياع ملف التعريب الأول تمامًا، مما أجبره على إعادة التصميم مرة أخرى من الصفر مع بعض الخطوط العريضة في الذهن فقط؛ إلا أن النتيجة النهائية خرجت مرضية للغاية وأعجبته شخصيًّا.

انتهى حديثنا مع إبراهيم حمدي، لكن الخطاطين لم يتركوا الساحة بعد.

يزن عجاج

الخطاطون المتمكنون من أدواتهم؛ ليس من السهل الوصول إليهم، لكننا وصلنا إلى يزن عجاج؛ الذي تعاون مع شركة Ubisoft الشرق الأوسط لعمل مخطوطة لعبة Rainbow Six Extraction – إغاثة.

المجال؛ يحتاج إلى احترافية بالغة في أكثر من حِرفة تصميمية على الحاسوب، بجانب مجموعة مهارات منتمية للفنون بمختلف أنواعها، وبالرغم من صعوبة ما سبق، فإن يزن (يَزن) أعماله بميزانٍ من ذهب.

عمل الخطّاط في أكثر مكان خلال مسيرته بالمجال، مثل جيمر سناك و Games in Arabic؛ هذا أكسبه الخبرة اللازمة ليكون القامة العُليا التي هو عليها الآن.

أثناء حوارنا معه؛ أتينا على ذكر أول شعار قام بتصميمه، وافتخر بتصميمه شعار فيلم Venom، لكن أولى تجاربه في عالم شعارات الألعاب بنسخها العربية كانت مع لعبة Resident Evil 2 Remake، والتي أتى تعريبها تحت عنوان: “الشر المقيم”.

عملية صناعة الشعارات صعبة بالطبع، ولهذا ليس من المتوقع أن يقدرها الكثيرون، خصوصًا في الماضي، وهذا ما أكد عليه يزن بالفعل، حيث قال إنه في السابق لم يكن هناك كثيرون يهتمون عندما يقول لهم أنه مصمم شعارات ألعاب بالعربية؛ أما حاليًّا فالوضع مختلف تمامًا، فالآن اكتسب الخطاطون شهرة واسعة النطاق لدى شركات الألعاب، وأيضًا لدى المصممين الآخرين. وعندما تتسع دوائر المهنة بشكلٍ مستطرد هكذا، يسهُل جدًا إعطاء صاحبها حقه، وهذا ما يحدث الآن.

وأكد أيضًا على أنه إذا قلت لأحدهم عن مهنتك كخطاط في الوقت الراهن “سيُعجب بك أكثر”.

الفنون كلها ممتعة، والخطاطون أهل الفنون كلها؛ هذا كان محورنا التالي مع يزن. قال الفنان أن تصميم المخطوطات (الشعارات) ليس يسيرًا على الإطلاق، لأنه يحتاج إلى مخيلة ومعرفة واسعة بإجمالي الخطوط، بجانب وجود مهارة لإعادة تشكيل الأحرف الإنجليزية في برامج التصميم (مثل فوتوشوب وإلستراتور) لتناسب العربية.

لذلك؛ فإنك مع الممارسة تُكتسب الخبرة، وتزداد سهولة العملية نفسها؛ هكذا أكد. كما تحدث عن كون تحويل الحروف الإنجليزية إلى عربية، هو متعة في حد ذاته، وإن أحلى شعور يغمر المصمم؛ هو رؤية أعماله التصميمية مشابهةً تمامًا للأعمال الأصلية، وهذا ما يُعطيه حبًا للذات وثقة بالنفس لا مثيل لهما.

أمّا بالنسبة للأعمال الأكثر صعوبة في مسيرة يزن، فأتى الخطاط الشهير على ذكر مخطوطة لعبة Elden Ring التي قام بنشرها مؤخرًا، لأن نوع الخط المستخدم في شعار اللعبة الأصلي، من الصعب جدًا تحويله للعربية بشكلٍ كامل، ممّا يعني أن سيحتاج الخطاط لاستخدام بعض الأحرف الجاهزة مسبقًا، والمأخوذة عن خطوط عربية قديمة؛ هذا بدلًا من محاولة تصميم أخرى جديدة كليًّا.

وفي نهاية الحديث؛ أكد يزن، مرةً أخرى، على كون الممارسة هي الصانعة للخبرة.

مهند السلوم

تعاون مهند مع الكثير من شركات الألعاب الكُبرى في المجال، وعلى رأسها Ubisoft (صمم لهم شعار لعبة Immortals Fenyx Rising، السرمديون، فينكس نحو القمة)، وأيضًا Bethesda ٬مؤخرا (صمم لهم لوحة فنية للعبة Death Loop بعنوان “ديث لووب”)،

وأيضًا Netflix، بشكلٍ غير رسميّ،حيث صمّم لهم شعار مسلسل الـ CGI المأخوذ عن سلسلة ألعاب Resident Evil بعنوان “الشر المقيم” بناء على شغفٍ خالص بتصميم الشعارات مجملًا.

تتميز أعماله بالفخامة في الرسم ومطابقة في الروح للشعار الأصلي، ولا يعمل فقط في مجال شعارات الألعاب، بل لديه رصيد جيد جدًا لدى نيتفليكس.

جديرٌ بالذكر أنه يقوم بكل شيء بناء على الشغف تجاه المجال نفسه، واهتمامًا بالتريند الرائج على الساحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى