أخبار ليبيااهم الاخبار

“التقدم الأميركي”: خطوات مهمة قبل بناء “ليبيا جديدة وقوية”

نشر “مركز التقدم الأميركي” بحثا مطوّلا ومفصلا بعنوان “نحو دولة موحدة أكثر مناعة”، إذ تنقسم معضلة الأمن في ليبيا إلى ثلاثة عناوين: “الأول والأهم” هو المعركة ضد داعش وهذا مهم للولايات المتحدة وأوروبا وجيران ليبيا، والثاني هو العدد الهائل من الكتائب المسلحة التي تنتشر في كامل البلاد، والثالث هو مكافحة الجريمة المنظمة المستشرية في البلاد. وهذه العوامل متداخلة بشكل ما، فدحرُ داعش مهم، لكنه لن يوفر الأمن لليبيين، وكذلك بالنسبة للكتائب، والعصابات الإجرامية التي تعيق أي استقرار سياسي في ليبيا.

ويتساءل التقرير عما سيحدث لتنظيم داعش بعد دحره في سرت بمساعدة الأميركيين. فلابد أنه انتشر في الجهة الغربية والجنوبية إلى جانب حضوره المعروف في بنغازي، وأنه يجب التخطيط بفاعلية لمنع التنظيم من استعادة قواه، وإمكاناته السابقة.

أما مشكلة كتائب ليبيا فهي أكثر تعقيدا من دحر داعش –بحسب التقرير- نظرا لانتشارها الواسع. والتعامل معها يعدّ قضية جوهرية لإعادة بناء ليبيا موحدة. يقال أن هناك 2000 كتيبة الآن، بعضها يؤيد حكومة الوفاق، والكثير منها إسلامية، لكن ليس بالضرورة أن تحمل فكرا جهاديا. وبعضها ضد الإسلاميين وموالية للبرلمان ولقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر. وهناك منها المشددة مثل أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقد ساعدت هذه الكتائب على الوصول بالبلاد إلى “الدولة الفاشلة”، حيث لا توجد سلطة مركزية ولا بنى تحتية أمنية.

يخلص التقرير إلى أنه من أجل بناء دولة فاعلة من جديد في ليبيا، “وهو أمر مشوب بالصعوبة” يلزم القيام بإجراءات أساسية لجعل البلاد أكثر أمنا وهي:

لابد أن يكون أسبقية ويتعين على حكومة الوفاق أن تتعاون مع الولايات المتحدة في هذا الأمر، والتي يجب أن تلعب دورا قياديا وأن تشرك اللاعبين الإقليميين مثل مصر وتونس والإمارات المتحدة والأمم الأوروبية بالأخص إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، فدحر داعش لا يقتصر على سرت، إذ يجب أن يُلاحق التنظيم في أي مكان في ليبيا.

التعامل مع مشكلة الكتائب

الكتائب

لابد أن تشكل منظومة أمنية وطنية تستوعب الكتائب المسلحة دون الإخلال بالسلطة المركزية.

أن تقدم الولايات المتحدة والدول الأوروبية التدريب للقوات العسكرية والأمنية، إضافة إلى التقليل قدر الإمكان من العدد الراهن للكتائب، وأيضا وضع برنامج للتشغيل والتعليم قد يوفر خيارا بديلا لأفراد الكتائب.

مكافحة عصابات الجريمة

عصابات الجريمة

لابد أن تنشئ ليبيا مؤسسات أمنية تكافح الجريمة في أنحاء البلاد، وكذلك الاستعانة بالمؤسسات الدولية مثل الانتربول لكبح الجريمة وتبادل المعلومات، إضافة إلى ضرورة وجود تواجد أمني مكثف لحماية الحدود، فيما يتطلب أيضا تأمين ليبيا واستقرارها مرهون بإرادة الليبيين، وأنه لا يمكن أن تكون لديهم حكومة فاعلة قبل السيطرة على الوضع الأمني، وهذا يعني أن أميركا وشركاءها لابد أن يقدموا المساعدة في هذا المجال.

دحر داعش

معركة سرت

استفاد داعش من أخطائه في درنة وعزز تواجده في سرت التي أصبحت جبهة ثالثة بعد سوريا والعراق ووصل عدد المقاتلين فيها إلى نحو 6500 من الليبيين العائدين من العراق والشام إلى جانب أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب من تونس ومصر والجزائر والسودان ومن الأفارقة. وانظم إليه تنظيم أنصار الشريعة الذي تخلى عن ارتباطه بالقاعدة. وحتى وقت قريب كانت ليبيا ملاذا آمنا لقادة داعش الذين هربوا من العراق وسوريا.

لدي داعش تاريخ في تنفيذ هجمات دموية وتخريبية ضد منشآت النفط (المصدر الوحيد لدخل الليبيين) كما أفصح التنظيم عن تخطيط دموي بعد تبنيه مقتل نحو 70 من متدربي حرس السواحل في زليطن وهو ما قد يشير إلى خطة لضرب الأجهزة التي تحاول منع الهجرة غير الشرعية. ما ينم عن مصلحة مشتركة بين داعش والعصابات الإجرامية، على الأقل مؤقتا.

معركة سرت

معركة سرت

هناك توجس مما سيحدث بعد طرد داعش من سرت. هل سيعنى ذلك نهاية وجود داعش في ليبيا، أم أن التنظيم سينقل ميدان عملياته إلى أنحاء أخرى من البلاد؟ هناك توافق على أنه سيتمركز في جنوب غرب ليبيا (فزان) ما يعطية نقطة انطلاق لهجمات ضد تونس والجزائر. لكن من غير المحتمل أن يتخلى داعش عن قاعدته في ليبيا التي توفر له الوصول إلى شمال أفريقيا ودول الساحل وهي المنطقة الممتدة من شواطئ المحيط الإطلنطي حتى البحر الأحمر، كما أن ليبيا ستكون القاعدة الأهم في عمليات التنظيم ضد أوروبا.

يجب أن تنظر حكومة الوفاق والقوات المساندة لها إلى ما أبعد من سرت، ولن يكون بمقدور الولايات المتحدة محاربة داعش بمفردها ومن دون مساعدة دول أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى