مقالات مختارة

التعليم في ليبيا

سالم الهمالي

تعددت الآراء وتوالت الكتابات في الأيام الماضية عن مستوى التعليم في البلاد، بالتزامن مع ما أشيع حول أن ليبيا أصبحت خارج جدول الترتيب بمنتدى دافوس، ويبدو في الغالب أن أغلب هذه الآراء والكتابات اصطبغت بقوة بما يحدث في ليبيا من صراع سياسي مقيت، الذي وبشكل مبتسر يلقي اللوم والمسؤولية على النظام السياسي الحاكم (ملكي، جمهوري، جماهيري، فبرايري)، دون تقديم الأسباب وعرض النتائج وطرح الحلول.

العملية التعليمية، في مجملها؛ طويلة ومركبة ومتعددة الجوانب، فهي ليست كزراعة محاصيل الخضار تبدأ وتنتهي خلال بضعة أشهر بل أقرب إلى غرس النخيل، تحتاج إلى سنوات في الإعداد ومثلها في الغرس والسقاية والعناية والمداومة على ذلك لتؤتي ثمارها بعد عقود وعقود تتوارثها الأجيال.

لذلك، فمن المستحيل ومن غير المقبول عقليًا أن كل فترة من فترات الحكم لم تلق بظلالها على العملية التعليمية، فما حققه التالي زرعه الأول وما نقص في الأول استكمله التالي، وهكذا دواليك.

بعد هذه المقدمة، أود أن أشير إلى أن تقييم العملية التعليمية ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، إذ تحتاج إلى معايير واضحة يمكن من خلالها تحديد المعطيات والمنجزات والمخرجات ومقارنتها بالأنظمة التعليمية في البلدان التي لها نفس الظروف البشرية والمادية والتاريخية والاجتماعية. فليس من المعقول مقارنة مستوى التعليم مع اليابان أو السويد على سبيل المثال.

النقد الحاد للتعليم في ليبيا؛ يحمل في طياته تجاهل جهود كبيرة، يقوم بها عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات والإداريين وغيرهم بكل صدق وأمانة في ظروف قاهرة جدًا، يعرفها القاصي والداني، تظهر عملهم وكأنه سراب بقيعة!

كل هؤلاء في حاجة ماسة للاعتراف بما يبذلونه من عمل دؤوب لحفظ التعليم من أسوأ ما شهدته البلاد من انهيار شامل، ففي حين يطلب منهم الحضور اليومي والحصص والامتحانات و، و، و …، هناك مئات الآلاف ممن يقبضون مرتباتهم كل شهر ولا يعرفون للعمل طريقًا أو وجهة!!

العملية التعليمية برمتها؛ تحتاج إلى إعادة التقييم، وفق خطط وبرامج تزيل عنها الشوائب وتبني على ما فيها من أساس صلب وسليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى