خاص 218مقالات مختارة

الأموال الليبية

سليمان البيوضي

للأسف يتم إغراقنا كليبيين في تفاصيل يومية متداخلة ولا متناهية، تتعلق بالصراعات الأيدلوجية والسياسية والعرقية وغيرها، أما الأزمة المستمرة بطوابيرها الطويلة فهي ليست محط اهتمام الواقفين في مشروع التفقير والافتراس.

ما اتخذه السراج مؤخرا من قرارات معيبة وكارثية، التصدي لها قد يوقعك في فخ الأيدلوجيا فتتحول لإخواني، لأنك ستجد نفسك متمترساً في صف يتقدمه العرادي، وتدافع فيه من حيث لا تدري عن الكبير، لذا فالصمت هو السبيل للنجاة بجلدك.

لذا العقل يطرح تساؤلاً هل هم مع بعضهم؟ وخلقوا الاصطفاف لتجد نفسك متلبساً بين الحق والباطل، أم المصادفة وحدها من تخدمهم، وقطعاً الوقوف في طابور المخبز والحديث عن تزوير محتمل في الانتخابات الأميركية!.. ليس الحل.

***

إن حجم العقود الممنوحة للشركات الأجنبية في برنامج التنمية ليبيا الغد بلغ 36.9 مليار دينار (27 مليار دولار تقريبا)، والشركات المشتركة ليبية وأجنبية 10.8 مليار دينار (8.5 دولار تقريبا)، من إجمالي عقود 96.7 مليار دينار (70 مليار دولار تقريبا).

للأسف ليبيا منذ سنوات وهي تعاني من أزمة خارجية مُعقدة وهي جبهة مالية واقتصادية مفتوحة، حيث إن عقود التنمية مع الشركات الأجنبية في حالة النزاع تخضع قانوناً في حالات النزاع لمحكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، وهناك قضايا ربحتها ليبيا و أخرى خسرتها.

إن قرار السراج المتعلق بالمصرف الخارجي هو مساس بالأمن القومي الليبي، وتعريض ليبيا لأكثر من الإفلاس، ومرور هذا القرار دون تصدي للعبث المتنامي في الحقيقة هو وضع للسكين على الرقاب، وضياع فرص الليبيين في البقاء.

إن بقاء المصرف الليبي الخارجي تحت سلطة بنك ليبيا المركزي هو حماية للثروات الليبية بوصفها مالاً سيادياً يمثل الليبيين جميعا، وسيحميه من النهب الممنهج الدولي والمحلي، أما تحويله لمال للسلطة فهذا يعني أنه سيتم ابتلاعه بالتحكيم الدولي والمطالبات المرتفعة للدول والشركات لليبيا بتسديد الديون المستحقة.

***

في العام 2017 وأظهرت مجلة اتحاد المصارف العربية (العدد 346) أن المصرف الليبي الخارجي المرتبة الأولى عربيًا والرابعة إفريقيا ضمن قائمة أكبر 100 مصرف في أفريقيا بحسب رأس المال الأساسي، ويبلغ رأس مال المصرف 4.46 مليار دولار وتصل موجوداته إلى 23.7 مليار دولار ومعدل كفاية رأس المال 27.8%.

ونزع صفة المال السيادي عن مصرف ليبيا الخارجي وإخضاعه لسلطة الحكومة يعني أننا أمام مشاريع افتراس مرعب ونهب لن يتوقف، خصوصا في ظل عدم وجود شفافية حول العقود وهل من تراكم ضريبي عليها منذ عقد من الزمن أو لا.

إننا بحاجة لإنهاء صمت المسؤولين الرسميين في الدولة، وعليهم أن يخرجوا ليعلنوا بالأرقام حجم الثروات والأصول الليبية، وحجم الديون لصالح ليبيا أو المطالبة به.

غير ذلك فإن أبعد من الكارثة نحن مقبلون عليه، ولن نستمر في حفلة الهالوين وطوابير التحليل السياسي والترحم على الأيام الخوالي، وتقييم المواقف.

انتبهوا.. انتفضوا… أنقذوا أنفسكم من القادم المجهول والكارثي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى