أخبار ليبيااهم الاخبار

استقلال ليبيا: المقارنة الخجولة مع الحاضر

خاص 218

بعد يوم واحد، أي يوم الأثنين ستشهد ليبيا ذكرى استقلالها، وستكون هذه الذكرى قاسية على المجالس الثلاثة في ليبيا، المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، لأن استعادة التاريخ القديم سيفتح باب المقارنة على مصراعيه، بين الآباء المؤسسين لدولة ليبيا وبين الذين من بعدهم بـ67 عامًا.

المقارنات قاسية بلا شك، لكنّ الواقع اليوم حسم أمره وتجاوز هذا، لأنه يعرف يقينًا أن تاريخ الأمم لا يصنعه إلا من يُقدّم التنازلات لأجل بلده، لا من يُقدّم المبادرات الفردية ويُقدّس الاتفاقيات السياسية أكثر من تقديسه لهوية وطنه وإرثه.

في الرابع والعشرين من ديسمبر في العام 1951 أُعلن استقلال ليبيا رسميًا، وكان هذا الاستقلال قد جاء بعد مراحل طويلة من الكفاح والعمل الذؤوب لأجل أن تكون ليبيا موحّدة ومن ثُمّ تلتفت لشؤونها ومستقبلها بين الأمم الأخرى.

لا يختلف أحدا في ليبيا أن مرحلة ما بعد ثورة فبراير، كشفت الوجوه على حقيقتها، وبرزت لكل الليبيين نوايا البعض في اختزال بلده في كرسي الحُكم والصراع على مواردها. في الوقت الذي كان عليه أن يلتزم ويحترم مطلب شعبه الوحيد وهو أن يعيش بسلام وينعم بثروات وطنه، الذي سُرق لفترة ثلاثة عقود ونيف، وتناسى استقلال ليبيا وشعبها الذي ما زال ينتظر من قادته إن صحّت التسمية، أن يُبادروا بالعمل والصمت، لأجلهم، مند سنوات طال أمدها.

يوم الاستقلال من المتوقع أن يقرأ ويسمع ويشاهد كل أهل ليبيا، ثلاثة بيانات للمجالس المعروفة في ليبيا، والتي بطبيعة الحال، ستتغنّى باللحمة الوطنية وبالتنازلات من أجل الوطن وتحريك الملفات الواقفة مند سنوات، ولكنّ كل هذه البيانات ستُنسى بمجرد أن ينتهي يوم الاستقلال، ولن يذكرها أحدا في ليبيا، وستندرج في قائمة البيانات الجاهزة المُعدّة سلفًا للمناسبات الوطنية، كما تطلب بعض الترتيبات الدبلوماسية، مع تغيير بسيط وفقًا للحالة الراهنة، وعلى الأغلب ستكون منطقة الجنوب الليبي حاضرةً بقوّة هذا العام، وسيكون على المصرف المركزي الذي يرأسه الصديق الكبير، أن يكتب أيضًا لكل الليبيين بيانه حول الاستقلال والكشف لهم عن أموالهم وحالها إن تبدّل إلى حال أحسن.

أما عن منصّات التواصل الاجتماعي فقد سبقت كعادتها كل ساسة ليبيا، فهي تحتفل بصمت تارّة وتارّة أخرى بخجل، لأن نشطائها في ليبيا أصبحوا يتابعون أحداث بلادهم بنوعٍ من الامتعاظ والغضب على حال بلادهم الذي أصبحت فيه الرؤوس الحاكمة تتعاظم كل يوم أكثر، ويتراجع الأمن بخطوات سريعة إلى الوراء. لكنهم في كل مرّة يتذكرون تاريخهم بلادهم الكبير وحراك الآباء المؤسسين، يُحاولون استجماع قواهم والبحث عن آباءٍ جُدد وإن كانوا من أجيال ما بعدهم، المهم أن يكونوا قادرين على الحِمل الثقيل والعبور بها لأجل أجيال أخرى ستحتفل بعد سنوات وعقود، وستُقارن ما حدث في ليبيا، مِثلما يحدث كل عام فيها مند زمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى