اهم الاخبارحياة

إلى “كبارِ السّن” في عيدهم.. كل عامٍ وأنتم “بركتنا”

أحلام المهدي
218tv.net خاص

بعد أن تفنّنت السنوات في رسم آثارها على ملامحهم، ونثر الزمن بياضه على رؤوسهم التي طالما ضجّت بهموم الأبناء والأحفاد، نتساءل في اليوم “العالمي” لكبار السّن، ماذا قدّمنا لهم في الوطن الذي يجمعنا بهم بعد أن كان لهم قبلنا؟

الأول من “أكتوبر” هو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة عيدا لكبار السن، نحتفل به بالتركيز على المشاكل الكثيرة التي تبدأ في التراكم على أجسادهم وأذهانهم بالتزامن مع سنوات العمر، نحتفل به أيضا بالإشارة إلى ما قد يتعرّضون إليه من سوء معاملة حتى من أقرب الناس إليهم، وفي هذا اليوم أيضا نحتفي بإنجازاتهم الكثيرة في هذا العالم وما أكثرها، لنشير إليها بأصابع العرفان والتقدير، ونعرف أن الطريق الذي نسير فيه الآن قد سبق لهم أن أصلحوه مرارا لأجلنا، وعبّدوه بالعرق والدموع، أما من نعتبرهم “بركة” هذه الأرض، دون أي تفسير حرفيّ لمفردة “البركة”، فإن أيا من العصور التي مرّت على هذه الأرض لم تنصفهم، فحرمهم بعض حكامها من الحياة الكريمة المشبعة بالراحة والدفء، وقضّ بعض الحكام مضاجعهم على فلذات أكبادهم الذين رأوا أجسادهم تتدلّى من أعواد المشانق، ووقفوا عاجزين أمام ربيع أعمارهم وهو يتصحّر، لتتسرب سنوات العمر في بحر من الألم والحزن، وهاهم اليوم بعد أن بلغوا من الكبر عتيّا تعيدهم الفاقة إلى معارك الحياة بعد أن اعتزلوا الحرب وفقدوا السلاح، لنراهم منهكين على أبواب المصارف أو المخابز، يتلقّى بعضهم أنباء خساراتهم التي لا تعوّض بفقد الأبناء والأحفاد ليخفوا غصّةَ الألم والمرارة خلف ستار “الشهادة” التي منحها الجميع للجميع.

إنهم “بركتنا”، نعم إنهم كذلك فما أجمل البيت الذي تزين “الجدة” إحدى زواياه، ليكون مَزارا لكل من يبحث عن الحنان والحب والحكايا التي لا تُملّ، إنها تسبغ رائحتها الجميلة على المكان، مزيجٌ ساحرٌ بين “الحنة” والبخور والحنان إن كان للحنان رائحة، الوجه المرادف للحياة والخصلات الحمراء التي عجز السواد عن إخفائها، أما وجود “الجد” في البيت فهو ركنٌ إضافي له، وهيئة لا أظنها تختلف كثيرا باختلاف مناطق الوطن، الملابس البيضاء الناصعة التي تنبعث منها رائحة الأرض مع لمسة لذيذة من رائحة التبغ المحلي الذي يلفّه بأصابعه أحيانا، ومُتّكَئِه الأقرب إلى العَرش، وكلمته “اللي ما اطيحش في وطا”، فكل عامٍ وأنتم بخير وكل عيدٍ وأنتم تزيّنون عالمنا وتمنحون الوطن “بركته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى