أخبار ليبيااخترنا لك

أوروبا والهجرة.. إنسانية أم مصلحة؟

في مقال مطول نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تحليلا حول ما أسمته بتواطؤ الأوربيين حيال أزمة الهجرة جاء فيه:
في أكتوبر 2013، غرقت سفينة تحمل المهاجرين قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. أدت إلى موت نحو 300 شخص.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يغرق فيها المهاجرون في البحر المتوسط. وأن ما لا يقل عن 20000 شخص قد ماتوا خلال الـ 25 سنة الماضية وهم يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا. وحينها أعرب القادة الأوروبيون عن الغضب.
وأعلنت الحكومة الإيطالية يوم حداد وطني.
في حين قال جان كلود مينون رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا “آمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي نشهد فيها مأساة من هذا النوع”.وتابع مينون، بعد هذه المأساة، قلتُ إن هؤلاء القادة قد يكونون “مخلصين في تعبيراتهم عن الغضب والحزن”. ومع ذلك، لاحظت “أن رعب لامبيدوزا لم يأت من فراغ. حيث يقع جزء كبير من المسؤولية على السياسات التي تتبعها الدول الأوروبية “.
ويقول المقال: إن الغرق الجماعي في لامبيدوزا في عام 2013 هو مكان مناسب يمكن من خلاله بدء مناقشة حول تجريد الآخرين من إنسانيتهم، ولا تقتصر الكراهية للمهاجرين أو المسلمين أو الأقليات الأخرى على أقصى اليمين لكننا نحتاج أيضاً إلى إدراك أن الحقيقة حول أن مسالة التجرد من الإنسانية متوطنة لدينا.
فالأفكار والسياسات التي يروج لها اليمين المتطرف والشخصيات المناهضة للهجرة لم تخرج من العدم. لقد أصبحت مقبولة لأن النهج الأساسي قد تم وضعه بالفعل، ويستمر في الحفاظ عليه، من قبل السياسيين. وإن الخطاب والسياسات الخارجة من أوروبا الغربية ساعدت في إضفاء الشرعية على العداء للهجرة الذي عبر عنه الشعبويون وأوروبا الشرقية.
وتطرق المقال إلى فضيحة الهجرة التي هزت بريطانيا خلال الأسابيع الماضية، وأدت إلى استقالة وزيرة الداخلية.
والسبب المباشر للفضيحة هو “بيئة معادية” للمهاجرين غذت مناخاً من الريبة حيث اعتُبر الناس مذنبين ما لم يثبتوا أنهم أبرياء.
وفي باريس وأماكن أخرى، أدخل تشريع جديد لتشديد قوانين الهجرة واللجوء. في الوقت الذي يمكن فيه احتجاز المهاجرين غير الحاملين لوثائق رسمية، وتقصير المواعيد النهائية لتقديم طلبات اللجوء، وجعل عبور الحدود غير الموثق يُعاقب عليه بالسجن لمدة سنة وغرامات. 

ويقول الكاتب: أينما نظرتم إلى أوروبا، من اسكندنافيا إلى أسبانيا، ومن إيطاليا إلى هولندا، يتبنى السياسيون نهجا مماثلا. ولكن في اليونان. كان الجمهور، في البداية، أكثر تعاطفا مع محنة المهاجرين أكثر من السلطات وأظهر الشعب اليوناني مع ذلك التزامًا أخلاقيًا مثيرًا للإعجاب للمهاجرين في دعم المهاجرين بالطعام والمأوى والتضامن.

لكن بعد عامين يقول الكاتب إن الوضع مختلف للغاية. سنتان تخلَّت فيهما بروكسل فعليا عن اليونان وأماكن المهاجرين في جزيرة ليسبوس التي تخلت عنها أثينا.

حيث أن الظروف المخيفة في معسكر مثل موريا أدت إلى خلق توترات في الداخل، أصبح العنف هو القاعدة، وقد بدأ العديد من المهاجرين الخروج من المخيم، ونشر العنف والسرقة في جميع أنحاء الجزيرة، مما أدى حتما إلى خلق عداء متزايد بين السكان المحليين.

ويتعرض المقال إلى حادثة غرق سفينة لامبيدوزا ويقول : بينما كان الناس على متن السفينة المنكوبة يموتون ويتوسلون طلب المساعدة، رفضت 3 زوارق صيد تقديم المساعدة
وأن هذه الأعمال اللاإنسانية لا تقتصر على السلطات الإيطالية.

في عام 2011، غادر قارب يحمل 72 مهاجرا ميناء طرابلس الليبي إلى لامبيدوزا وسرعان ما واجه المتاعب، حيث اتصل المهاجرون بخفر السواحل الإيطالي وأبلغ الناتو، الذي كان لديه العديد من السفن في المنطقة.

ووفقا للناجين، انطلقت الطائرات العسكرية من حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول.

حتى أن طائرة هليكوبتر عسكرية يعتقد أنها إيطالية، أسقطت زجاجات المياه للمهاجرين العالقين في اليوم الأول من محنتهم. لكن لم يجرؤ أحد على إنقاذ القارب المنكوب، وتركوه ينجرف في المياه المفتوحة لأكثر من أسبوعين، بدون وقود أو إمدادات، حيث مات واحد وستون من هؤلاء من الجوع والعطش والبرد.

وكشف تحقيق لاحق أجراه مجلس أوروبا استمر لمدة 8 أشهر أن “السلطات الليبية فشلت في القيام بمسؤوليتها عن منطقة البحث والإنقاذ، كما فشلت مراكز تنسيق الإنقاذ البحري المالطية الإيطالية وإيطاليا في إطلاق أي عملية بحث وإنقاذ، وفشل الناتو في الرد على نداءات الاستغاثة على الرغم من وجود سفن عسكرية تحت سيطرتها في محيط القارب.

وأشار المقال إلى أن سياسات أوروبا حوّلت المهاجرين إلى مورد للاستغلال، حيث تم إنشاء صناعة جديدة ضخمة للاعتقال والاختطاف، دُفعت تكاليفها من قبل بروكسل.

ففي ليبيا وحدها، هناك ما لا يقل عن 20 ألف مهاجر محتجزين لدى الإدارة العامة لمكافحة الهجرة غير القانونية، وهناك آلاف غيرهم محتجزون لدى المليشيات والعصابات الإجرامية.

وقد أفصحت منظمة العفو الدولية بالتفصيل كيف يُحتجز جميعهم في أكثر الأوضاع سوءا والكثير منهم عرضة للتعذيب والاعتداء الجنسي والابتزاز.

وقال المدير العام لمنظمة العفو الدولية ، “لم نكن مدركين تماما لهذه الانتهاكات … فهم متواطئون في هذه الانتهاكات”.
بهد كل هذا وربما أكثر، هل من العجب إذاً أن يرى الكثيرون المهاجرين على أنهم تهديد لأوروبا؟ ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى