كتَـــــاب الموقع

أن تكون العقبة الأخيرة

عمر أبو القاسم الككلي

مثلما سبق أن أشرت، كانت قد أعدت قوائم بالمغضوب عليهم و “الضالين” من الطلبة، وربما الأساتذة أيضا، لـ “تطهير” الجامعة (جامعة قار يونس حينها) منهم، في ذكرى السابع من أبريل سنة 1978.

لكن يبدو أن معمر القذافي، في إحدى نوبات التعقل التي كانت تأتيه على فترات متباعدة وقصيرة، أشار إلى لجانه الثورية بتفضيل فصل هذه المناسبة عن العنف والقمع وربطها بـ “الفرح”. ويبدو أنه أشار أيضا إلى أهمية استقطاب العناصر المثقفة بدل معاداتها وإقصائها.

في هذا الإطار، يبدو لي، حاول أحمد إبراهيم استثمار هذا الوضع لصالحه بحيث يقاربني من مصدر قوة ويضمن تبعيتي.

لكن الأمر اتخذ مسارا آخر.

وهذا المسار الآخر، يبدو لي أن أحمد إبراهيم كان يرغب فيه!. فرغم اعترافه بعوز حركة اللجان الثورية في الجامعة إلى المثقفين، إلا أنه لم يكن يرغب في وجود مثقفين متميزين إلى جانبه، لأنهم من الممكن، وبغض النظر تحدراتهم القبلية، أن يشكلوا مصدر مزاحمة ومنافسة له. في هذا السياق قال لي مرة بأنه أحرى بنا (يقصدني أنا وبعض أصدقائي من الكتاب) الالتقاء بـ “الأخ القائد” والحوار معه. لم أرد على هذا المقترح. فصمت هو أيضا، مكتفيا بالبلاغ. وأعتقد أن هذا الصمت كان تصرفا ذكيا منه يأتي في إطار إبعاد المنافسين المحتملين.

خلال مناسبة إحياء ذكرى “السابع من أبريل” هذه سنة 1978، أقيمت ندوة اقتصادية. كنت موجودا، إذ قررت عدم التهرب من حضور المناشط .

فجأة دخل معمر القذافي القاعة. قام الحضور يهتفون فقمت مع القائمين. لكني ظللت واقفا دون أن أهتف. أحسست بلكزة من الواقف خلفي على مرفقي. فانتابني الخوف وأخذت أحرك يدي على النمط المعتاد في الهتاف المعتاد وأنا صامت.

ثم ما لبثت أن غادرت المدرج.

كان من ضمن الحاضرين د. محمد أحمد الشريف الذي كان يتولى، إن لم تخني الذاكرة، منصب أمين التعليم حينها.
لاحقا أخبرني صديق أنه كان جالسا قريبا من د. محمد أحمد الشريف وكان يجلس إلى جانبه أحمد إبراهيم. وأنا خارج التفت أحمد إبراهيم إلى د. محمد أحمد الشريف قائلا له:
– تو مازَلِنَّا هذا بس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى