أخبار ليبيا

أعمال روائية تسلط الضوء على بعض من تاريخ ليبيا

خلود الفلاح

في هذا التقرير؛ نقدم عددًا من الروايات القاسم المشترك بينها التحولات الاجتماعية والسياسية والتاريخية التي مرت بها ليبيا، تتناول كل رواية حقبة معينة.

هناك اعتراف ضمني بأن الأدب والفن ظاهرة متطورة، تؤثر في كل أركان الحياة، وهو اعتراف يؤكد أن الرواية تصوير لتجربة حياتية، وتساؤلات لا يشترط الإجابة عنها، وإنما طرحها ما هو إلا دليل تأثيرها في نمط الحياة، وهذه الأعمال تتعامل مع حقائق تاريخية موثقة، ويقوم الروائي بالتعامل مع كل تلك الحقائق في إطار عمل أدبي.

علبة السعادة

في روايته “علبة السعادة” يوثق الروائي محمد الأصفر التاريخ الليبي المعاصر خلال حكم القذافي خاصة حقبة الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين، حيث التطرق إلى التغيرات السياسية التي شهدتها ليبيا وما صاحبها من تداعيات شكلت نمط حياة الليبيين.

وتجري أحداث الرواية الصادرة عن منشورات إبييدي ـ 2019 من خلال طالب في معهد الموسيقى متخصص في العزف على آلة الجيتار يتعرض للقمع من قبل النظام السياسي الذي أحرق في ذلك الزمن الآلات الموسيقية الغربية وأحرق كتب تعليم اللغات وتم الزج بالطالب بعد تخرجه مباشرة في حرب تشاد أما صديقه الذي دعمه في دراسته للجيتار يتم سجنه مع السياسيين اليساريين الليبيين وبعد أن يخرج من السجن بعد إعفاء عام من النظام السياسي سمي بعيد أصبح الصبح يهاجر إلى ألمانيا التي سبق أن عاش فيها وهناك يتتبع أثر صديقته القديمة التي تعرف عليها في بيت بتهوفن، وبعد عدة محاولات من البحث يلتقي بها عند تمثال كارل ماركس.

ويمثل الجيتار الرمزية في هذه الرواية، فهو القاسم المشترك بين شخصيات العمل من ليبيا إلى ألمانيا ثم تشاد ومالطا وألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وهذه الشخصيات تتحدى من خلال الموسيقى والجيتار القبضة القمعية للنظام الحاكم، وبحسب محمد الأصفر “علبة السعادة” عبارة عن سيرة ذاتية لحياة سابقة عشناها وستظل تعيش فينا.

شارع الشجر

يتناول الروائي علاء الدين كويدير في روايته “شارع الشجر” ما حدث في ليبيا بعد عام 2011، وكيف تحولت هذه البلاد إلى أرض خصبة للاضطرابات السيكولوجية والتحولات الشخصية المعقدة.

ووجهت هذه الرواية الصادرة عن دار الجابر ـ 2021 للإنسان الليبي، هذا الإنسان العاجز عن قول أي شيء، وفهم أي شيء، وعاجز عن العيش أيضا، لا يفعل في هذه الأيام إلاّ شيئًا واحدًا فقط وهو أن يقف مندهشًا من سرعة الأحداث وتقلباتها، يخاف من أن يقف ويفكر قليلًا، صار بندولًا حول التّفكير، أي صار جسمًا متحركًا حركة تذبذبية حول محور أفقي ثابت.

وتتعلق هذه الرواية بعلم النفس، وتتابع تحولات أبطالها النفسية، وتدور حول تساؤل، كيف يمكن أن تحدث كل هذا الخراب؟ وتتناول بحسب الكاتب، فئة مهمشة لم يتم التطرق يتطرق لها بالشكل الكافي وهي فئة المراهقين، والتحولات النفسية التي تحدث لهم جراء الحروب، معللاً ذلك بأن الكبار يملكون رصيد نفسي ومعرفي إلى حد ما ساعدهم في تجاوز مرحلة الحرب الليبية.

يقول علاء الدين كويدير في تقديم الرواية: يجب أن يعلم الجميع أن كل الأحداث في هذه الرواية لا تمت للواقع بصلة، وليست قابلة للشخصنة على أي حال من الأحوال، ولم تحدث لا في الشارع ولا في الحياة أصلًا وإنما حدثت في عقل الكاتب فقط.

زرايب العبيد

تتناول رواية زرايب العبيد للروائية نجوى بن شتوان مسألة العبودية في ليبيا، في الفترة الواقعة ما بين نهاية الدولة العثمانية والاحتلال البريطاني، حيث كان يتم استخدام أصحاب البشرة السوداء كخدم في البيوت والمزارع وتعرضهم للقهر والذل.

ونقرأ في هذه الرواية الصادرة عن دار الساقي ـ 2016 عن تاريخ الرق في ليبيا وتحديداً بنغازي، من خلال شخصية “عتيقة” التي تتحدث عن طفولتها التعيسة وعن حياة أمها “تعويضة” وقصة حبها لسيدها “محمد الكبير” وكيف رفض أهله هذا الحب، بل واتهموا “تعويضة” بأعمال السحر والشعوذة، وفي خضم كل ذلك يتم إرسال “محمد” في تجارة خارج البلاد وأجبرت والدته “تعويضة” على شرب سائل يساعد في إجهاض جنينها وقاموا ببيعها في سوق العبيد، ووصلت رواية “زرايب العبيد” إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” لعام 2017.

عايدون

تتناول الروائية كوثر الجهمي، في روايتها “عايدون”؛ الإحساس بالغربة داخل الوطن من خلال شخصية غزالة العائدة من مهجرها في سوريا وابنتها حسناء.

وتجري أحداث هذه الرواية الحائزة على جائزة مي غصوب للرواية العام 2019، وصدرت عن دار الساقي في نفس، أحداثها العام 2014، في مدينة طرابلس القابعة تحت سيطرة المجموعات المسلحة ومحاولة اختطاف حسناء بسبب حملاتها الإعلامية ضد هذه المليشيات.

وتطرح “عايدون” إشكالية موجودة في مجتمعنا الليبي وهي “عايدين المهجر” وكيفية النظر إليهم في نطاق منظومة مجتمعية معقدة، كما أن لقب عايدون هو الذي رافق عائلة غزالة منذ هروب الجد إلى سوريا أيام الاحتلال الإيطالي، ثم العودة إلى ليبيا بعد سنوات.

وتقترب عايدون من تفاصيل حياة المجتمع الليبي وتعقيداته لترسم مشهدًا لخراب متراكم أسّس للخراب اللاحق، وتضيء على صور جديدة وغير معروفة من هذا الواقع. تخرج من الواقع الليبي لتطرح مشاكل وقضايا عربية وإنسانية.

وبحسب كوثر الجهمي؛ فإن “عايدون” هي لفظة ليبية حُرّفت من كلمة “عائدون”، حُوّرتْ بمعنى أنها باتت تتعدى معناها الحقيقي للمعنى المهين، وُصِف بها كل من جاء من بلاد المهجر بثقافة انفتاح لم يعتدها المجتمع الليبي الذي يتسم بالانغلاق والمبالغة في تفسير كلمة “المحافظة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى