كتَـــــاب الموقع

“أحِبُّ زوجي…” ديلاما العائلة الأولى

فرج عبدالسلام

جملة “أحِبُّ زوجي” التي أعلنها المرشح الديموقراطي لرئاسة الولايات المتحدة، بيت بوتيجيج، ليس فيها خطأ طباعي ولا هم يحزنون، كما قد يعتقد البعض، وإنما أطلقها “بوتيجيج،” في معرِض رده على انتقادات مقدم البرامج اليميني الشهير “لامباخ” عندما قال إن أميركا (ربما) ليست مستعدة بعد للقبول برئيس مثليّ الجنس في البيت الأبيض، لأن ذلك سيسيء إلى قيم العائلة الأميركية.

وفي حال انتخبه/انتخبها الأمريكيون رئيسا/ة لهم، فسيكون/تكون السيدة بوتيجيج البالغ/غة من العمر 37 عاما أول رئيس/ة للولايات المتحدة مثلي الجنس. طبعا يلزم أن نلاحظ ارتباك اللغة في التعامل مع حالة فريدة لم يحسب لها عُلماء الصّرفِ حسابا.

في عالم الغرب بصورة عامة، وفي الولايات المتحدة هناك تابوهان اثنان، لا يجب الاقتراب منهما، هما معاداة السامية والتي تعني في الحقيقة اليهود، وكل ما يتعلق بهم. والمحظور الثاني هو إعلان الاعتراض بأي شكل على حقوق مثليي الجنس الذين تزايدت أعداهم وقوتهم في المجتمعات الغربية عموما، عملا بالتغيرات المجتمعية الهائلة بسبب تقديس مبدأ الحرية الشخصية.

لكن تظل لدينا في عالم العروبة، إشكالية كبرى مصدرها اللغة، التي هي ذكورية في الأساس، وبالتالي فالتقسيم الجندري بين الجنسين واضح لا لبسَ في كيفية المخاطبة فيه، فلا يستقيم الأمرُ أن نخاطب الذكر بصيغة الأنثى والعكس صحيح. ولأن ّ”بيت” كان واضحا في تصنيف نفسه كزوجةٍ في هذه العلاقة التي باركتها الكنيسة ـ طبقا للتقليد فقد تخلى “بيت” عن لقب عائلته وحَمَل لقب الزوج “شاستين بوتيجيج”… لكن إذا (وقعت الواقعة) وانتخب الأميركيون “بيت” لمنصب الرئاسة، سنقع في حرجٍ لغوي مشترك، يجمعنا مع الناطقين باللغة الإنكليزية، حين نودّ الإشارة إلى السيد الرئيس أو السيدة الرئيسة. وهل سيخاطبونه في بلده (مستر برزدنت) أو (مدام برزدنت) باعترافه أنه زوجة، وكما ورد في وثيقة الزواج الرسمية.

ليس هذا كل ما في الأمر فالبيت الأبيض مقدمٌ على مواجهةِ قضايا بروتوكولية شائكة ولا حصر لها، فقد جرت العادة على تسمية زوجة الرئيس الأميركي بالسيدة الأولى. فكيف سيتم التعامل مع زوج الرئيس/ الرئيسة، وهل سيكون شاستين سيّد البيت الأبيض الأول، ما يعني أنّ للبيت الأبيض سيّدين، ولو من الناحية الشكلية، أما الأكثر تعقيدا بروتوكوليا فهو اصطحاب الرئيس/ة للزوج في الرحلات الخارجية.

ربما المريح في الأمر أن البعض يعتقدون أن “بيت” الذي أبلى بلاءً حسنا في الانتخابات التمهيدية في ولايتي أيوا، ونيوهامبشير ضد خصوم يتمتعون بعراقة وخبرة سياسية، لن يكون له أي حظوظ في مواجهة ترامب الذي عُرفت عنه العدوانية ضد خصومه، وأنه سيلتهمه في المناظرات كالتهامه وجبة البرغر التي يفضلها دائما. أو الأكثر راحة من ذلك، ربما سيفكّر الناخبون الديموقراطيون بعقلٍ ويُرجؤون هذا التحوّل الخطير لعدة عقود أخرى، فيريحون بالتالي قسم البروتوكول في البيت الأبيض وفي الدول الأخرى من العناء، كما يعفوننا أيضا من الحرج الذي تسببه لنا لغتنا العربية الذكورية في التعامل مع هذه الحالة التي لم نألفها، وربما لا يجب أن نفعل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى