أخبار ليبيااخبار طرابلساهم الاخبار

قصر بن غشير.. الحكاية المنسية في الحرب

الجحيم يسكنها مند 15 يومًا ولا أحد يعرف ما تعيشه في عُزلة تامّة من الجميع..

تقرير خاص 218

يحكي بحُرقة وحسرة، هل يعتقدون أننا لسنا من ليبيا، لماذا تجاهلنا الجميع، ولم يذكرنا أحد، ونحن نعيش وسط الجحيم مند 15 يوما، على أصوات الرصاص وسقوط القذائف العشوائية، هذه كانت احدى كلمات الشاب أيوب الفيتوري، أحد أهالي منطقة قصر بن غشير، التي قرّر فيها الجحيم أن يمضي معهم ويسرق أغلى ما يمتلكون، فلذات أكبادهم.

حكاية وفاة الطفلة تقوى أبوبكر عون، لم يسمعها أحد من قبل، لم يلتفت إليها مسؤولا أو جهة حكومية، لم يصدر بيان تعزية لأهلها في مُصابهم.

اللحظات الأخيرة في حياة تقوى، كانت أشبه بالخرافة المُرعبة التي تُزعج الكبار قبل الصّغار. كانت فَرِحة مع والدها الذي اصطحبها معه في طريقة لتبعئة المياه النقية لبيته، وفي طريقه، طلبت منه تقوى أن يشتري لها حلوى، فابتسم وركن سيارته أمام احدى المحلات ونزل بعدها من السيارة، وفي طريقه للمحل، يُرسل أحد القَتَلة والمجرمين، قذيفة عشوائية وتسقط على سيارة والد تقوى، وتنتهي في لمح البصر، ويُقرّر الجحيم أن يسرقها من والدها، في غيابٍ تام للدولة ومؤسساتها، التي لا تعرف حتى طريق بيت والد تقوى، التي قُتلت في منطقة معزولة عن طرابلس وليبيا والعالم أجمع.

لم تكن لحظات الطفل رضوان ميلاد عطية الأخيرة، تختلف عن النهاية المأساوية للطفلة تقوى، لأن القذائف العشوائية في ليبيا وطرابلس لا تعرف إلا الأطفال والمدنيين، ومن يُطلقها لا يعرف أنه ليس مُجرّد مجرم أو قاتل، بل إرهابي ينشر الجحيم وينزع الفرح من قلوب الأمّهات والآباء والأخوة.

في بيتهم، تسقط قذيفة عشوائية على المكان الذي كان يجلس فيه أو يلعب الطفل ميلاد، وتنتهي حياته وأحلامه في غمضة عين. لتصنع بعدها واقعًا مُختلطًا بالغضب والحُزن والبؤس، على نهاية طفلهم، وكأنهم ينتمون إلى عالم آخر، لم تسمع بهِ ليبيا من قبل. ذات الحكاية يُراد لها أن تتكرّر مع تقوى ورضوان، تنتظر من يقرأها ويُعلن حقيقة الأوضاع في منطقة قصر بن غشّير، التي تعيش في صمت وعُزلة، بعيدا عن الجميع

العائلات في منطقة قصر بن غشير، هي ايضا كانت لها نصيب من جحيم القذائف العشوائية والصراع المُسلّح الذي أصبح يتكيّف مع المنطقة وكأن دمَ أهلها مُباحًا لمن يُريد أن يقتل ويُشرّد ويُهجّر، 15 يومًا لم يُسمع عن مسؤول حكومي أن تكلّم عنها، أو حاول معرفة ما يجري فيها. لا منظمات محلية أو دولية دخلت لمنطقة بن غشير. ولا أحد سوى بضع محاولات بسيطة وانتهت دون رجعة للمنطقة.

حقيقة يُراد لها أن تكون على ألسنة كُلّ الذين ينتمون للجذر الإنساني، هذا ما يطمح له أهالي منطقة بن غشير، وينتظرون من يعرف طريقهم، لإنقاذهم أو لإنقاذ مستقبل أطفالهم، ينتظرون من يُنقذهم من بطش الجحيم الذي أفسد حياتهم، وغيّر طعمها إلى مرار وبؤس وأسئلة تدور في أذهانهم.. لماذا لا ينقذوننا ولماذا تأخروا؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى